من كتاب اهل الكسره للأستاذ الكبير عبد الرحيم الاحمدي
يعرف سكان ما بين الحرمين الشريفين فنا عريقا يعدونه من أرقى أنواع فنونهم في الشعر والغناء يطلقون عليه (( فن الكسرة ))
فهي
تصوير دقيق لمعاناة يجسدها الشاعر في بيتين من الشعر تجمع شتات الموضوع
المطروح أو الرأي في معالجته ولن يتمكن من الإبداع في الكسرة من ليس لديه
مقدرة فنية وموهبة نافذة لأن سر إكتمال الكسرة يكمن في جودة بنائها من حيث
دقة التعبير وانتقاء العبارة والكلمات التي تتكون منها وأخيرا أسلوب
الإثارة كل ذلك له أهمية في تشكيل الكسرة واعتراف النقاد بها ومن ثم
تداولها بين عشاقها وما أكثر الكسرات وما أقل ما يصل منها إلى درجة الجودة
التي تعطيها الحق في تسميتها (( كسرة )) .
ولدى نقاد الكسرة القدرة
الفائقة على معرفة المنطقة التي تنتمي إليها الكسرة من كلماتها لان لكل
منطقة طابعاً خاصاً تخلعه على فنها وأشهر الكسرات الجيدة من وادي ينبع
ووادي الصفراء ووادي فاطمة وما جاوره من أودية مثل خليص (
ورابـــــــــــــــــــغ ) وقديد والمدن الساحلية وما جاورها (( وليس هذا
التحديد للحصر ، وإنما هو تحديد لأشهر المناطق التي تعرف هذا الفن )).
وإذا
رجعنا إلى أصل معنى( كسرة ) فليس لها تعريف متفق عليه بين نقادها وعشقاها
ولكن اصطلح الناس هذا المسمى لهذا الفن الذي يمكن أن نجتهد فنستنتج مما
يدور في مجالسهم عنه ما يعنيه معنى (كسرة ) فتقول : أن المعنى الذي تحمله
هذه الكلمة إنما أخذ من أنها تدور حول معنى أو مضمون يراد ( تفسيره أو
تكسيره ).
وعلى هذا يمكن اعتبار الكسرة تفسيرا لما يدور في خلد الشاعر
أو تفكيكا لمضمونها ولما كان الأصل في (( الكسرة )) إلا تزيد عن بيتين
فإننا نجد أحيانا أبياتا تصل إلى العشرة وعلى وزن الكسرة ويعدونها كسرة وهي
ظاهرة جديدة مهما كان عمرها وترجع الزيادة هذه إلى رغبة الشاعر في الإيضاح
والكسرة مثنيات غزلية لطيفة يتغني بها أهل ينبع والمدينة وأرض الوسيط لها
لحن طويل فإذا غناها من تناسب صوته أحدثت شجواً وطرباً وليس من الضروري إن
تكون هذه المثنيات غزلية : ولكن الغزل اكثر شيوعا في الكسرة ومن أغراض
الكسرة المتداولة غالبا ما تكون شكوى – جواب – لغز – عتاب - غزل - مواساة –
دعابه .
أما إذا نظرنا ( للكسرة) من حيث أداء غنائها فهي من أغاني
القرى ولأنها تغنىبصوت مرتفع فإنها من أغاني الرجال وإن غناها النساء
فمناجاة ذاتية .
وكما تعرف مصادر الكسرة من كلماتها تعرف أيضا من
ألحانها فلكل منطقة طريقة في الأداء لا تخرج عن اللحن العام للكسرات
والمتعارف عليها بين عشقاها .
ولا تصاحب الكسرة حين غنائها آلات
موسيقية لأن الأصل فيها أن تغنى من مكان مرتفع إما على ( نخله ) حين لقاحها
أو جنيها أو تغنى فوق ظهر جمل يقطع البيداء في ضوء القمر أو بين ظلمة
الليل وحتى ألعاب الزير الذي تعتبر الكسرة عنصرا هاما في أغانيه لاسيما ((
الرديح )) في الينبعين واملج و (( صفا )) في وادي فاطمة وما جاوره فإنها
تغنى في لحظة صمت الزير ولا ضير أن نسمعها اليوم تغنى بمصاحبة العود أو
السمسمية أو الآلات الأخرى
[size=12]
بعض الكسرات من المشاركات من نفس الموضوع المنقول